الصفحة الرئيسية  رياضة

رياضة التصريحات النارية تؤلّب الجماهير الرياضية وتشعل فتيل الجهوية

نشر في  10 أفريل 2014  (10:27)

في موسم كروي أوشك أن يلفظ أنفاسه، باتت الأجواء مكهربة بل وقابلة للاشتعال في أي لحظة في ظل احتداد الرهان أعلى الترتيب وأسفله كذلك بسبب غياب القوانين الردعية الصارمة والتي تفرض على جميع مكوّنات المشهد الرياضي بتونس الاعتدال والحساب جيدا قبل الاصداع بأي تصريح كان من شأنه أن يساهم في توتير الأجواء واشعال فتيل الجهوية المقيتة التي عانينا منها زمن بن علي وسارت نحو التضخم حاليا مثل كرة الجليد.
ويرى المطّلعون على مسار الأحداث في كرتنا أن امعان بعض المسؤولين والمدربين واللاعبين في البطولة التونسية في اصدار مثل هذا الكلام الخطير بات أحد العوامل التي تزيد في احتقان الأجواء بشكل حوّلها الى قتبلة موقوتة قابلة للانفجار داخل أي ملعب في زمن باتت فيها التفجيرات بمثابة الخبز اليومي للتونسيين.
كال هذه النبذات جعلت كرتنا مصدرا للتندّر بما أن الجماهير الرياضية ومع نهاية كل أسبوع باتت تنتظر التصريحات المثيرة لهذا المسؤول أو ذاك اللاعب عوضا عن لقطات فنية أو ابداع كروي أوشك على الاضمحلال لأن الصراع أصبح يتّجه الى فنون الكلام عوضا عن الأقدام.
وتوازيا مع ما يجري من فلكلور مثير، فان الهياكل الرياضية واصلت اصدار عقوباتها المحتشمة، ومع تفجّر كل قضية فان المشرفين على الهياكل الرياضية باتوا يعدّون حججهم المسبقة عن قرارات مضحكة ومفادها أن روح القوانين لا تتماشى مع هذا الوضع أو ذاك، ومع ذلك لم نسمع يوما عن نيّة تحرّك رسمي لتنقيح قوانين أصبحت في طيّ الماضي ولابدّ من ازالتها حتى تواكب ما يجري من كلام وأفعال خطيرة.
وهنا لا بد من الاشارة الى عدة سوابق لمسؤولين وفنيين كان يفترض منهم تأطير الجماهير الرياضية وتهدئة الأجواء وترييضها لكنهم جنحوا الى صبّ الزيت على النار كما يقال وهذا ما خلق أرضية خصبة لتجييش الجماهير واشعال النار وسط ركام بطولة محترفة بالتمام والكمال
بطولة العار ثم القهر...
رغم أن رئيس الهيئة المديرة للنادي الصفاقسي لطفي عبد الناظر عرف عنه الهدوء الا أنه لم يتمالك نفسه في موسمين متتاليين وتحديدا عند مواجهته للترجي ومع خسارة ضد "المكشخة" في الموسم الفارط، فانه وصف بطولتنا ب"العار" ليصل الى مصطلح جديد عقب مواجهة الاربعاء الفارط قائلا "بطولة القهر" وذلك لوصف ما اعتبره تآمرا من جامعة الكرة على ناديه لخدمة مصالح الترجي...
الفضيحة والعار
من جهة أخرى صنع المدرب مختار العرفاوي الحدث حينما انفجر غضبا بملعب رادس على هامش مواجهة بين الافريقي والأولمبيك، ويومها اضطر العرفاوي الى استعارة مصطلحات من معجم فولتار لوصف الكرة التونسية بالفضيحة والعار ومشتقاتها ردّا منه على قرار تحكيمي حتى وان كان خاطئا فانه لا يستوجب مثل تلك الثورة من مدرب بات نجما خارقا للعادة عبر مقاطع الفيديو المنتشرة في مواقع التواصل الاجتماعي.
عندما تتكلم حيوط رادس
اذا ما أجاد رياض بنّور في مناسبات عديدة تمرير رسائله المفخّخة وكلامه المشفر بين السطور، فانه لم يحافظ على هذه الخصلة عند خسارة مواجهة رادس ضد النادي الصفاقسي حين قال بصريح العبارة ان "حيوط رادس تكلّمت من فرط ظلم صفارة الحكم مراد بن حمزة"، ولذلك ساهم كلام بنور في تجييش الجماهير حين قال انه لو كان رادس ممتلئا يومها لحدث ما لا تحمد عقباه..
الفصل 22 وثورة بنزرت
عندما تقرر مرور النادي الافريقي الى بلاي أوف الموسم الفارط وترك النادي البنزرتي جانبا استنادا الى الفصل 22
المثير للجدل، فان رئيس نادي عاصمة الجلاء مهدي بن غربية ورغم امتلاكه لديبلوماسية السياسيين فانه لم يفلح في توظيف ذلك على ملاعب الكرة وخرج بتصريحات تتضمن الكثير من التظلّم وتهدف الى تجييش الجماهير..وهذا ما حدث فعلا لنرى النتاج في بنزرت التي احترقت أو بالكاد بشمكل ذكّر المخضرمين بأحداث الجلاء وليس لمجرد نتيجة عابرة في مواجهة جلد مدوّر..
جنيح وحديث المؤامرة السياسية
الثابت أن الذاكرة الرياضية لن تنسى ما جرى بسبب اللاعب الغابوني ديديي ابراهيما ندونغ الذي دفع الاحتراز المثار ضده من قبل ادارة النجم، دفع آلوف الجماهير في سوسة وصفاقس الى الغضب الشعبي في الشارع وكاد الأمر يتحوّل الى قضية رأي عام..وحين كانت "الكناس" تسير الى حسم النزاع، خرج المدير التنفيذي للنجم الساحلي حسين جنيح بتصريح قال فيه انه يشتمّ رائحة تدخل سياسي في قرار الكناس بمنح النقاط الى النادي الصفاقسي..وهذا ما أعاد الجدل الى نقطة البداية ..
كل هذه التصريحات الشعبوية من المذكورين أنفا -والثابت أن ما خفي أعظم- كلّها تصب في خانة الاحتقان وتوتير الأجواء من قبل مسؤولين تخلوا عن صفاتهم وأدوارهم واتّجهوا الى تصعيد غير مقبول ولا محمود العواقب وهذا ما يتطلب النظر فيه بكل تمحّص لانهاء أزمة أخلاقية باتت ملتصقة بكرتنا...

طارق العصادي